تشهد العقارات في تركيا تطوراً مطرداً، مع ارتفاع الأسعار منذ أن بدأت البلاد رحلة التطوير، وخاصة بعد عام 2003. لكن ابتداءً من عام 2020، شهدت الأسعار تسارعاً كبيراً بسبب عوامل مختلفة. وسننتقل الآن إلى تعداد وتحليل العوامل الرئيسية التي تساهم في هذا الارتفاع في أسعار العقارات؛
- التضخم العالمي: في أعقاب جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، شهد التضخم العالمي تقلبات مدفوعة بعوامل مختلفة مثل اضطرابات سلسلة التوريد، والتغيرات في سلوك المستهلك، وإجراءات التحفيز الحكومية. وعلى هذه الخلفية، تأثر قطاعا العقارات والبنية التحتية في تركيا بشكل ملحوظ، لا سيما بسبب مشاريع التطوير والبناء المستمرة في جميع أنحاء البلاد، مما أدى إلى زيادة التكاليف المرتبطة بمواد البناء للمشاريع الجديدة.
- سياسة نسبة الفائدة التي تنتهجها الحكومة التركية وارتفاع سوق العقارات: في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية لعام 2023، نفذت الحكومة التركية سياسة نقدية مميزة اتسمت بالتخفيض المستمر في نسبة الفائدة. ومع انخفاض نسبة الفائدة لدى البنك المركزي إلى 8.5%، أدت هذه الاستراتيجية عن غير قصد إلى تصاعد التضخم الإجمالي. ونتيجة لذلك، تحول الأفراد إلى الاستثمارات العقارية كوسيلة لحماية ثرواتهم وسط هذه الديناميكيات الاقتصادية. تفضيل الربحية المحتملة للعقارات على المدى القصير على أصول الملاذ الآمن التقليدية مثل الدولار أو الذهب، أدى إلى زيادة كبيرة في عدد المستثمرين في سوق العقارات، مما أدى إلى زيادة واسعة النطاق في أسعار العقارات في جميع أنحاء البلاد.
- زيادة الطلب والزلزال: شهدت تركيا زيادة ملحوظة في الطلب المحلي والدولي على العقارات، مدفوعة بعوامل مثل النمو السكاني والتحضر وزيادة الاهتمام من المستثمرين الأجانب. وقد أدى التطور السريع لتركيا كأمة واقتصادها إلى زيادة هذا الاتجاه. بالإضافة إلى ذلك، أدى الزلزال الكبير الذي ضرب عدة مدن في 6 فبراير 2023، إلى زيادة الطلب على مواد البناء والعقارات السكنية، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار.
- النمو الاقتصادي: شهدت تركيا توسعًا اقتصاديًا ثابتًا، مما دفع الحكومة إلى رفع الحد الأدنى للأجور بشكل كبير. ونتيجة لذلك، ارتفع إجمالي الدخل، مما أدى إلى زيادة القوة الشرائية بين مواطنيها. وقد أدى هذا الارتفاع في الدخل المتاح إلى زيادة الطلب على العقارات السكنية والتجارية، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار في سوق العقارات.
- تطوير البنية التحتية: أدت المبادرات الحكومية لتحسين البنية التحتية، مثل شبكات النقل والمرافق العامة والمرافق العامة، إلى تعزيز جاذبية بعض المناطق للاستثمار العقاري. وتحسين البنية التحتية غالبًا ما يؤدي إلى زيادة قيمة الممتلكات.
- الاستثمار الأجنبي: اجتذبت تركيا استثمارات أجنبية كبيرة في قطاعها العقاري، لا سيما من دول الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا. يرى المستثمرون الأجانب أن تركيا سوق واعدة ذات عوائد جيدة على الاستثمار، وهذا الامر يساهم في ارتفاع الأسعار.
- السياحة: لعبت صناعة السياحة المزدهرة في تركيا أيضًا دورًا في رفع أسعار العقارات، خاصة في الوجهات السياحية الشهيرة على طول الساحل. غالبًا ما يستثمر السياح، المحليون والدوليون، في منازل العطلات أو استئجار العقارات، مما يزيد الطلب والأسعار في هذه المناطق.
- السياسات الحكومية: تؤثر السياسات الحكومية، بما في ذلك الحوافز المقدمة للمطورين والمستثمرين، ومبادرات التجديد الحضري، والتعديلات في اللوائح المتعلقة بملكية العقارات الأجنبية، ولا سيما القانون الذي يسمح بالحصول على الجنسية التركية من خلال استثمار قدره 400,000 دولار، بشكل كبير على أسعار العقارات. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تؤدي اللوائح الأكثر تساهلاً فيما يتعلق بملكية الأجانب إلى زيادة الطلب وارتفاع الأسعار في مناطق معينة يفضلها المشترون الدوليون.
بشكل عام، في السنوات الأخيرة، أدت مزيج من العوامل بما في ذلك النمو الاقتصادي، وتطوير البنية التحتية، والاستثمار الأجنبي، والسياحة، والسياسات الحكومية إلى زيادة كبيرة في أسعار العقارات في تركيا. ومع ذلك، في عام 2024، أدت التعديلات بما في ذلك قرار الحكومة برفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم واللوائح الجديدة التي تتطلب استثمار 200,000 دولار للأجانب للحصول على تصاريح الإقامة إلى تقليل الطلب المحلي والدولي. على الرغم من هذه التغييرات، فإن التضخم العالمي المستمر، لا سيما في مواد البناء، منع انخفاض أسعار العقارات الجديدة بشكل كبير. ونتيجة لذلك، لا يزال بائعو العقارات المستعملة حذرين بشأن خفض الأسعار. علاوة على ذلك، في عام 2024، تواصل تركيا تقديم عقارات بأسعار معقولة نسبياً في السوق العقاري العالمي، مما يساهم في الزيادة المستمرة في الأسعار.